فصل: مسألة له امرأتان دخل بواحدة ولم يدخل بالأخرى فطلق واحدة ثم نسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة العبد تكون تحته المرأة الحرة أو الأمة فيطلقها اثنتين:

ومن كتاب الجواب:
وسئل عن العبد تكون تحته المرأة الحرة، أو الأمة، فيطلقها اثنتين، ثم تقوم له بينة أنه حر من أصله. قال ابن القاسم: يمسكها بواحدة تبقى له فيها، ويرتجعها على ما أحبت أو كرهت، إن كانت في العدة، ليس عليه إلا التطليقتان اللتان طلق، وإن كانت خرجت من العدة، خطبها ونكحها قبل زوج، وسواء طلقها وهو ممن لا يعلم أن طلاقها اثنتان، أو طلقها وهو ممن يعرف أن طلاقها اثنتان فليس عليه إلا تطليقتان، إلا أن يكون أراد البينة على ذلك، طلق بهما، أو هو يريد ذلك، أو يتكلم بالبينة، فلا تحل له حينئذ حتى تنكح زوجا غيره، وسواء استحق بحرية من أصله ومولده، أو استحق بحرية عتق بها من ملك إذا كان ذلك قبل الطلاق، وطلاقه يجري مجرى الحدود، له وعليه إذا كانت الحرية قبلها عمل فيها، كما يعمل في حدود الأحرار، وكذلك الأمة إذا طلقت ثم ثبت أنها حرة قبل ذلك، فعدتها ثلاث حيض، ولزوجها عليها الرجعة، ما لم تحض الثالثة، إن كان طلقها يرتجع منه، وإن تزوجت بعد الحيضتين وقبل الحيضة الثالثة، ثم جاء العلم فسخ نكاحهما، وفرق بينهما، وإن كان قد دخل بها فيها لم ينكحها أبدا.
قال محمد بن رشد: هذا كله بين على ما قال؛ لأن جهل العبد والأمة بحريتهما لا تأثير له فيما يلزمهما من أحكام الحر، ألا ترى أنهما لو زنيا وهما لا يعلمان بعتقهما لحدا حد الأحرار، ولو وقع لهما ميراث لورثاه، فكذلك إذا طلق العبد امرأته طلقتين، ثم انكشف أنه كان حرا من قبل الطلاق، تبقى له في زوجته طلقة، ويكون له عليها الرجعة إن لم تنقض العدة، ولو انكشف أنه كان أعتق بعد أن طلق الطلقة الأولى، لبانت منه بالطلقة الثانية، وكذلك الأمة إذا طلقت فاعتدت بحيضتين، ثم انكشف أنها كانت أعتقت قبل الطلاق، تبقى عليها حيضة ثالثة من عدتها. وأما إن كان العتق بعد الطلاق، فعدتها حيضتان، وإن أعتقت قبل أن تحيض؛ لأن العدة قد لزمتها في حين الطلاق عدة أمة، فلا تنتقل عنها إلى عدة الحرائر. وقال ربيعة: إن أعتقت قبل أن تحيض اعتدت عدة الحرائر، وإن أعتقت بعد أن حاضت حيضة اعتدت عدة أمة ولا اختلاف أعلمه في أن العدة بالنساء، وأن الأمة تعتد حيضتين، كان زوجها حرا أو عبدا، والحرة تعتد ثلاث حيض، كان زوجها حرا أو عبدا، وأما الطلاق، فذهب مالك أنه بالرجال، بطلاق العبد على مذهبه طلقتان، كانت امرأته حرة أو أمة، وطلاق الحر ثلاث تطليقات، حرة كانت امرأته أو أمة، وروي ذلك عن عثمان بن عفان، وزيد بن ثابت. وذهب أبو حنيفة إلى أن الطلاق على حكم النساء المطلقات. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب. وروي عن ابن عمر أنه قال: أيهما رق نقض الطلاق برقه.

.مسألة العبد يريد أن يظعن بامرأته الحرة:

وسألته عن العبد يريد أن يظعن بامرأته الحرة، قال ابن القاسم: ليس للعبد أن يظعن بامرأته حرة كانت أو أمة، إلا أن يكون الشيء القريب جدا، مثل بعض الريف الذي لا يخاف عليها فيه ضيعة ولا ضرورة، فأما الأسفار والبلدان والبعد، فليس ذلك له، أرأيت لو ظعن بها في أرض غربة، ثم باعه سيده بها، مما يظعن به أو يخرجه، كيف كانت تكون، إن لم تقدر على الرجوع والنهوض معه، ولا يحملها سيده معه، ويمنعه من ذلك، أفيبقى يستطعم؟ ثم فليس للعبد أن يظعن بامرأته أمة ولا حرة، ولا أعلمه إلا قول مالك.
قال محمد بن رشد: قد بين ابن القاسم وجه قوله في أن العبد ليس له أن يظعن بامرأته بما لا تزيد عليه، وللحر ذلك، إلا أن يكون غير محسن إليها، ولا مأمون عليها، على ما مضى من قول مالك في رسم الطلاق من سماع أشهب، من كتاب النكاح وهو معنى ما في المدونة، وبالله التوفيق.

.مسألة المرأة تأخذ في صداقها الجارية فتؤدبها وتنفق عليها في الأدب:

وسألته عن المرأة تأخذ في صداقها الجارية، فتؤدبها وتنفق عليها في الأدب حتى يزيد ذلك في ثمنها أضعاف ثمنها، ثم يطلقها قبل الدخول بها، هل يكون له نصف الجارية بنمائها من غير غرم شيء من النفقة؟ قال ابن القاسم: نعم، له نصفها بنمائها بغير شيء، وليس عليه فيما أنفقت عليها ولا ما أدبتها به، قليل ولا كثير، وهو شريك في النماء، كما كان شريكا في النقصان والتلف.
قال محمد بن رشد: في المبسوط من قول ابن وهب: إنها لا ترجع عليه بما أنفقت في تعليم الخير، وهو قول محمد بن خالد في رواية أبي صالح، قال: وكذلك في الاستحقاق، يريد ما لم تكن النفقة أكثر مما زادت قيمتها، ولا ترجع بالزيادة؛ لأنها لو لم تزد قيمتها بما أنفقت عليها، لم يكن لها أن ترجع بشيء مما أنفقت إذ لم تنتفع بذلك، وهذا الاختلاف إنما هو على القول بأنهما شريكان فيها، وإن الغلة ينهما، فوجه قول ابن القاسم: إن الزوج يقول لها: إنما أنفقت على نصفك الذي لك، ولم تتكلفي بسبب نصفي شيئا زائدا، فترجعي به علي. ووجه القول الثاني أن المرأة تقول له: انتفعت بمالي فلا تذهب نفقتي على نصفك باطلا، فإما أن تؤدي إلي نصف النفقة، وإلا فخذ مني قيمة نصفك غير معلم، وهذا القول يأتي اختلافهم في وجوب الكراء للحاضن في الحضانة، والقولان متكافئان في الحجة، وأما لو مرضت فطبتها حتى برئت، لكان الأظهر ألا رجوع لها عليه؛ لأنه وإن كان الزوج قد انتفع بمعافاتها فهي مستهلكة؛ إذ لم يزد ذلك في قيمتها، ولم يختلفوا في أنه لا رجوع لها عليه بما أنفقت عليها فيما لا غنى لها عنه من طعامها وشرابها، إلا أن تكون صغيرة فتكبر، فقيل: إنه يكون لها الرجوع عليه بالنفقة، وكذلك إن كانت قد اغتلت منها غلة، فقيل: إن نفقتها تكون من غلتها، والقياس أن يكون لها الرجوع بالنفقة على كل حال، على القول بأنهما فيهما شريكان، وأما على القول بأنها لها والمصيبة منها، والغلة لها، فلا رجوع بما أنفقت عليها فيما لا غنى لها عنه من طعامها وشرابها، وأما النفقة عليها في تعليمها الخير، أو في معافاتها إن مرضت، فيجري ذلك على الاختلاف في الرجوع بالسعي والعلاج في الاستحقاق، فقف على ذلك كله وتدبره، تجده صحيحا إن شاء الله، وبه التوفيق.

.مسألة الرجل هل يفرض عليه في نفقة امرأته لحاف تلتحفه بالليل:

وسألته عن الرجل هل يفرض عليه في نفقة امرأته لحاف تلتحفه بالليل، أو نضوح، أو دهن، أو مشط، أو مكحلة، أو صبغ أو ما أشبه ذلك؟ وهل يفرق بينهما إذا وجد النفقة من الطعام والكسوة وإن لم يجد ما وراء ذلك؟ قال ابن القاسم: نعم، يفرض لها اللحاف للليل، والفراش، والوساد، والسرير، إن كان بموضع يحتاج فيه إليه، ولا يستغنى عنه، لخوف العقارب وشبه ذلك، ويفرض ذلك لها الدهن فيما يفرض، وأما المشط والمكحلة والصبغ، فلا أدري ما ذلك؟ ولا أراه، وتفرض لها النفقة والكسوة على قدرها من قدره، ليس عليه في ذلك خز ولا حرير ولا وشي، وإن كان يجد سعة، وإنما تفسير قدره من قدرها، إن كان مثلها يلبس القطن وما أشبهه، ومثله يقدر عليه، فرض لها، ويفرض لها لباس الشتاء والصيف، من الجبة والقرقل، والمقنع والخمار، والإزار، وما أشبه ذلك مما لا غنى لها عنه، ويسترها ويواريها، ويفرض لها قوتها من الطعام، وليس عليه أن يقيم لها اللحم كل ليلة، ولكن إن كان يجد سعة، أقام لها المدة بعد المدة، ويفرض لها من النفقة ما يكون فيها ماؤها وطحنها، ونضج خبزها، ودهانها وحنا رأسها، ومشطها، وما أشبه ذلك، وإن لم يجد إلا نفقة شهر وأيام، كما ذكرت لك، لم يفرق بينهما حتى يفنى ذلك، ثم يتلوم له السلطان، بقدر ما يرجى له، ويعرف من حاله، وإن لم يجد إلا الطعام والكسوة كما ذكرت، ولم يجد غيره، لم يفرق بينهما لذلك، وإن كانت من أهل بيت الغنى والشرف، وكانت الكسوة من وسط غليظ القطن والكتان، مثل الفسطاطي وما أشبه ذلك، وإن لم يجد إلا نفقة شهر، لا يفرق بينهما إذا قدر على ذلك، كانت من أهل بيت الغنى والشرف، أو لم تكن، إذا قوي على طعامها وكسوتها، بحال ما وصفت لك، فهو أملك بها، ولا يفرق بينهما، وإن فرق بينهما إذا لم يجد النفقة، ثم وجد النفقة شهرا كما سألت وهي في العدة، فهو أملك بها، وإن لم يجد إلا نفقة الأيام اليسيرة، الخمسة، والعشرة، والخمسة عشر، وما أشبه ذلك، لم أر ذلك له؛ لأن هذا مما لا قدر له ولا منفعة فيه، ولأن ذلك يصير إلى ضرار، إذا انقضت تلك الأيام، فرق بينهما، ثم إن وجد مثلها رجع أيضا إليها، فهذا الضرر وشبه اللعب.
قال محمد بن رشد: أوجب في هذه الرواية على الرجل في فرض امرأته من الدهن ما تدهن به، ومن الحنا ما تمشط، وذلك لعرف معروف عندهم، وعادة جرى عليها نساؤهم، ولا يفرض ذلك عندنا؛ إذ لا يعرفه نساؤنا، ولأهل كل بلد من هذا عرفهم وما جرت به عادتهم. وأما الصبغ والطيب، والزعفران والحنا لخضاب اليدين والرجلين، فلا يفرض على الزوج لشيء من ذلك، قاله ابن وهب في رسم الأقضية من سماع يحيى، وهو معنى قول ابن القاسم هاهنا. واضطرب قوله في المشط، فله في أول الكلام، أنه لا يفرض ذلك عليه، وقال بعد ذلك: إنه يفرض عليه من النفقة ما يكون فيه حنا رأسها ومشطها، وأما الكسوة فلم يوجب على الزوج منها إذا عجز عما يشبهها إلا وسطها، وما لا يعرها، وإن كانت من بيت أهل الغنى والشرف، مثل وسط غليظ الكتان والقطن وما أشبه مثله، في رسم الكبش من سماع يحيى لابن القاسم، وفي رسم الأقضية منه لابن وهب، وهو نحو قول ربيعة في المدونة. أما العبا والشمال فعسى ألا يؤمر بكسوتها، وأما غليظ الثياب مثل الخيف والأترى فذلك جائز للمعسر، لا يلتمس منه غيره، خلاف ما حكى ابن المواز عن أشهب، من أنه إذا عجز عما يشبهها فرق بينهما وأما إذا كان عنده سعة، فليس له أن يقصر بها عما يبتذله مثلها إن كانت من أهل بيت الغنى والشرف، لا مما يكسو مثله في سعة حاله أهله، وإن لم تكن من بيت الغنى، فقوله في صدر المسألة ليس عليه في ذلك خز ولا حرير ولا وشي، معناه في الخز والحرير المرتفع، الذي لا يشبه أن يبتذله مثلها إن قد يكون من الخز والعصب والشطوى ما يشبه العصب الغليظ، فيلزمه مثله إذا كانت حاله متسعة، وكان ذلك نحو لبسة أهل البلد، على ما في سماع يحيى لابن وهب ويحيى، وقوله: وإن لم يجد إلا نفقة شهر لا يفرق بينهما إذا قدر على ذلك بين لا إشكال فيه، ولا كلام؛ إذ لا اختلاف في أنه لا يفرق بينهما حتى يفنى ما عنده، ولا يجد شيئا ينفقه، وما دام يجد ما ينفق عليها ولو يوما بيوم، الخبز وحده، فلا يفرق بينهما، وإنما الاختلاف إذا لم يجد شيئا في قدر التلوم الذي يتلوم له، وكذلك يطلق عليه، فقال في المدونة: يتلوم له ولم يحد في ذلك حدا. قال: ومن الناس من لا يرجى له كأنه يريد، لا يتلوم لمن لا يرجى له. وقد روى قرعوس عن مالك، أنه لا يؤخر الذي لا يرجى له، كالذي لا يرجى له. وقال ابن حبيب: يتلوم له الشهر والشهرين، وإن لم يلح ولم يجد شيئا، ورواه عن مالك، وقال أصبغ: إذا كان لا يرجى له، ولا مال لها تنفق منه على نفسها، فيتلوم له الشهر ولا يبلغ به الشهرين، إلا إذا كان لها مال تنفق منه على نفسها، وقد روي عن مالك أنه لا يتلوم له شيء إذا لم يكن لها مال تنفق منه على نفسها. وقد روى ابن نافع عن مالك أنه لا يتلوم له إلا اليوم ونحوه، بقدر ما لا تجوع امرأته، روى عنه أنه يتلوم له اليوم واليومين والثلاثة، وقوله: إذا قوي على طعامها وكسوتها، يدل على أنه لا تطلق عليه بعجزه عن الإخدام، وهو المشهور في المذهب. وقد روى ابن المعدل عن ابن الماجشون، أنه يطلق عليه لعجزه عن النفقة على خادمها، كما يطلق عليه لعجزه عن النفقة عليها. وذهب ابن حبيب إلى أن الزوج لا يلزمه الإخدام، إلا أن يكون موسرا، وتكون زوجته من ذوات الأقدار. فإن لم يكن موسرا أو لم تكن زوجته من ذوات الأقدار، فعليها الخدمة الباطنة من العجن والطبخ والكنس، والفرش، واستقاء الماء إذا كان معها في الدار، إلا أن يكون زوجها من أشراف الناس الذين لا يمتهنون أزواجهم في الخدمة، فعليه الإخدام، وإن لم تكن زوجته من ذوات الأقدار. وقوله: إنه إذا فرق بينهما، ثم وجد النفقة شهرا، إنه يكون أملك بها معناه، وإن لم يطمع له بمال سوى ذلك، وهو صحيح؛ لأنه إذا أيسر في العدة، وجبت عليه النفقة، وإن لم يرتجع، قاله ابن حبيب في الواضحة. وحكاه عن مطرف وابن الماجشون، وهو الذي يأتي على مذهب مالك في المدونة إذ قال فيها: إن كل طلاق يملك فيه الزوج الرجعة، فالنفقة على الزوج لامرأته وإن لم تكن حاملا، وكذلك المولي فلا يصح أن يحكم عليه بالنفقة، ويمنع من الرجعة، وقد حمل بعض الناس ما في الواضحة على أنه ساوى بين الذي يطلق عليه بالإيلاء، والذي يطلق عليه بعدم الإنفاق، في أنه لا نفقة على واحد منهما، حتى يرتجع، لقوله فيها: وكل طلاق لا يملك فيه الزوج الرجعة إلا بقول وفعل، فلا نفقة عليه حتى يرتجع، وليس ذلك بصحيح؛ إذ فرق بينهما، وقوله في الذي يطلق عليه بالإيلاء إنه لا نفقة عليه حتى يرتجع، مثله حكى ابن شعبان عن مالك، وذلك خلاف نص ما في المدونة وأما قوله: إنه إذا لم يجد إلا نفقة الأيام اليسيرة الخمسة والعشرة، والخمسة عشر، وما أشبه ذلك، فلا رجعة له، معناه: إذا لم يجد إلا ذلك، ثم ينقطع، وأما لو قدر على أن يجري عليها النفقة مياومة، فإن كان ممن يجريها قبل أن يطلق عليه مياومة، فله الرجعة، واختلف إن كان ممن يجريها قبل الطلاق مشاهرة، فقيل: له الرجعة، وقيل: لا رجعة له. حكى ابن حبيب القولين، وبالله التوفيق.

.مسألة ينكح في العدة فيقبل أو يباشر أو يجس أو يغمز:

وسألته عن الذي ينكح في العدة، فيقبل أو يباشر، أو يجس، أو يغمز، ثم يعلم بذلك، فيفرق بينهما، هل ينكحها بعد ذلك؟ قال ابن القاسم: أحب إلي ألا ينكحها أمره بذلك من غير قضاء يقضي به عليه؛ لأنه أمر ليس بالقوي؛ لأن الوطء نفسه فيه من الاختلاف ما فيه، إذا لم يطأ، والذي يعقد في العدة، ويدخل بعد العدة، فيفرق بينهما، يؤمر أيضا بألا ينكحها بعد ذلك، ولا أرى أن يقضى عليه بذلك، ولا يجبر عليه، والذي يواعد في العدة، وينكح بعد العدة مثله، إذا ثبت أنه واعد، والذي يواعد في العدة بأمر يعرف، أو بإقرار، فرق بينهما، وكانت طلقة، وإن كان مسها أمرته ألا ينكحها بعد ذلك من غير قضاء يقضى به عليه؛ لأنه قد اختلف الناس فيه، وغمروه كذا وقد روى ابن القاسم عن مالك: إنه جائز، وروى أشهب مثله.
قال محمد بن رشد: قوله: في الذي قبل أو باشر في العدة، إنها لا تحرم عليه، خلاف قوله في المدونة. وقوله في الذي واعد في العدة وتزوج بعدها ودخل بها: إنها لا تحرم عليه، خلاف قوله في رسم الرهون من سماع عيسى من كتاب النكاح. وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة في رسم الطلاق الثاني من سماع أشهب من كتاب النكاح، فمن أراد الوقوف عليه تأمله هناك.
وقوله: لأن الوطء نفسه فيه من الاختلاف ما فيه، أشار إلى رواية ابن نافع عن عبد العزيز بن أبي سلمة، أن من تزوج في العدة، ودخل فيها، وفرق بينهما، أنه يجوز له أن يتزوجها بعد ذلك إن أحب، وقد وقع له في المدونة ما ظاهره مثل قول مالك فيها، خلاف رواية ابن نافع هذه عنه، وهو قوله، وقال مالك وعبد العزيز: هو بمنزلة من نكح في العدة ودخل في العدة، وقد تأول أنه أراد أنهما سواء عند مالك في أن التحريم يقع بهما، وأنهما سواء عند عبد العزيز في أن التحريم لا يقع بهما، وبالله التوفيق.

.مسألة يقول لامرأته أنت طالق ألبتة إن لم أطلق امرأتي الأخرى إلى سنة:

ومن كتاب القطعان:
وسئل عن الذي يقول لامرأته: أنت طالق ألبتة، إن لم أطلق امرأتي الأخرى إلى سنة، قال: يقال له: طلق من شئت منهما؛ لأن فرج إحداهما قد حرم عليك، قلت: ولا يضرب له أجل، قال: لا، قلت: فإن لم يطلق، قال: يحبس حتى يطلق، ولا يقرب واحدة منهما حتى يطلق إحداهما.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم هذا صحيح، على قياس مذهبه في المدونة في الذي يقول لامرأته: أنت طالق إن لم أطلقك، أو إن لم أطلقك إلى سنة، فإنه يعجل عليه الطلاق، وإنه إن قال لها: أنت طالق ثلاثا إن لم أطلقك واحدة، وإن لم أطلقك واحدة إلى أجل، أنه يوقف عن امرأته، فيقال له: إما طلقت واحدة، وإلا طلقت عليك ثلاثا، على قياس قول سحنون وأصبغ في القائل لامرأته: إن لم أطلقك فأنت طالق، أنت طالق إن لم أطلقك، أو أنت طالق إن لم أطلقك إلى سنة، إنه بمنزلة قوله: أنت طالق إن لم أفعل كذا وكذا، أو إن لم أفعل كذا وكذا إلى سنة، أن يكون قول الرجل لامرأته: أنت طالق إن لم أطلق امرأتي الأخرى إلى سنة بمنزلة قوله: أنت طالق إن لم أفعل كذا وكذا إلى سنة، فلا يلزمه في امرأته إلا ألا يطلق امرأته الأخرى إلى سنة، وعلى قياس هذا يأتي ما لابن القاسم في سماع أبي زيد، من كتاب التخيير والتمليك، ويدخل عليه الإيلاء إن طلبت امرأته المسيس، على القول الذي لا يجيز له أن يمس امرأته إلى ذلك الأجل، وهو قول ابن القاسم في رسم يوصي من كتاب الإيلاء، وقول غير ابن القاسم في العتق الأول من المدونة، وبالله التوفيق.

.مسألة شك في طلاق امرأته أيقضى عليه بطلاقها:

وسئل عن رجل شك في طلاق امرأته أيقضى عليه بطلاقها، أم ذلك إليه، ولا يقضى عليه بطلاقها؟ قال: ذلك إليه ولا يقضى عليه بطلاقها.
قال محمد بن رشد: الشك في الطلاق ينقسم على خمسة أقسام: منه ما يتفق على أنه لا يؤمر ولا يجبر، وذلك مثل أن يحلف الرجل على الرجل ألا يفعل فعلا، ثم يقول: لعله قد فعل، من غير سبب يوجب ذلك الشك في ذلك، ومنه ما يتفق على أنه يؤمر ولا يجبر، وذلك مثل أن يحلف ألا يفعل فعلا، ثم يشك هل حنث أم لا لسبب أدخل عليه الشك؟ ومنه ما يتفق على أنه لا يجبر، ويختلف، هل يؤمر أم لا؟ وذلك مثل أن يشك الرجل هل طلق امرأته أو لم يطلق؟ أو يشك هل حنث في يمينه فيها؟ فقال ابن القاسم: إنه يومر، ولا يجبر، وهو قوله في هذه الرواية، وقال أصبغ: لا يؤمر ولا يجبر، ومنه ما يختلف هل يجبر أو لا يجبر؟ وذلك مثل أن يطلق، فلا يدري، إن كان طلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا، ويحلف ويحنث، ولا يدري إن كان حلف بطلاق أو مشي، أو يقول: امرأتي طالق إن كانت فلانة حائض، فتقول: لست بحائض، وإن كان فلان يبغضني، فيقول: أنا أحبك، أو إن لم تخبرني بالصدق، فيخبره، ويزعم أنه قد صدقه ولا يدري حقيقة ذلك، والخلاف في المسألة الأولى من قول ابن القاسم، ومن قول ابن الماجشون، وفي الثانية بين ابن القاسم وأصبغ، ومنه ما يتفق على أنه يجبر، وذلك مثل أن يقول: امرأتي طالق إن كان أمس كذا وكذا لشيء يمكن أن يكون وألا يكون، ولا طريق إلى استعلامه، ومثل أن يشك في أي امرأة من امرأتيه طلق، فإنه يجبر على فراقهما جميعا، ولا يجوز له أن يقيم على واحدة منهما، وبالله التوفيق.

.مسألة له امرأتان دخل بواحدة ولم يدخل بالأخرى فطلق واحدة ثم نسي:

وسئل عن رجل كانت له امرأتان: الواحدة قد دخل بها، والأخرى غير مدخول بها، فطلق واحدة تطليقة واحدة، ثم نسي أيهما ثم ماتتا أيرثهما؟ قال: أما التي تحته فإنها إن ماتت قبل انقضاء العدة ورثها، والأخرى إن شاء ورثها، وإن شاء لم يرثها، ذلك إليه في الاحتياط.
قال محمد بن رشد: أما قوله في التي قد بنى بها إنه يرثها إن ماتت قبل انقضاء عدتها صحيح؛ لأن الميراث بينهما قائم ما لم تنقض العدة، وإن تحقق أنها هي المطلقة، وأما قوله في الأخرى: إنه إن شاء ورثها وإن شاء لم يرثها، ذلك إليه في الاحتياط، ففيه نظر؛ لأنه أباح له أن يأخذ ما لا يدري هل هو له أم لا؟ وإن كان الاحتياط عنده ألا يأخذه، ويلزم على هذا لو لم تمت أن يومر بفراقها، ولا يجبر على ذلك، ووجه قوله أنه لما ورث التي قد دخل بها فكأنه لم يشك في طلاقها، وإنما شك في طلاق الأخرى، فأشبه عنده من شك في طلاق امرأته، أنه يومر أن يفارقها، وإن ماتت ألا يرثها ولا يجبر على ذلك؛ لأن العصمة متيقنة فلا ترتفع بالشك، وليس هذا بين؛ لأن الطلاق في هذه متيقن في إحداهما، فكما لا يجوز له أن يمسك واحدة منهما، مخافة أن تكون هي المطلقة فكذلك لا يجوز له أن يرث التي لم يدخل بها، مخافة أن تكون هي المطلقة، إلا أن يتذكر أن الأخرى هي المطلقة، ويتيقن ذلك، ونحا فضل إلى أنه يكون له نصف ميراثه منها، كما يكون لكل واحدة منهما نصف ميراثها منه إن مات هو بعد انقضاء عدة التي دخل بها، وليس ذلك بصحيح؛ لأنه إذا مات هو بعد انقضاء عدة التي دخل بها، فقد تحققتا أن الميراث لإحداهما، وهما تتنازعانه، فيقسم بينهما بعد أيمانهما على حكم التداعي، وإن قالت كل واحدة منهما لا أدري من هي المطلقة منا؟ قيل لهما: إن سلمته إحداكما إلى صاحبتها وحللتها منه، فذلك حسن، وإن شئتما أن تقسماه فيما بينكما بنصفين، وتحلل كل واحدة منكما صاحبتها من النصف الذي أخذته، لاحتمال أن يكون لها، فذلك جائز، وليس كذلك هذه المسألة؛ لأن الزوج يقال له: أنت تشك في وجوب الميراث لك، فلا تأخذ ما تشك فيه إلا عن طيب نفس من الورثة، وبالله التوفيق.

.مسألة يكون لابنه المال فيموت الأب هل لإخوة الولد الذي له مال أن يحاسبوه:

ومن كتاب باع شاة:
وسئل عن الرجل يكون لابنه المال فيموت الأب، هل لإخوة الولد الذي له مال، أن يحاسبوه بما أنفق عليه أبوه؟ قال ابن القاسم: إن كان مال الابن ناضا، فوجدوه مصرورا كان لم ينفق منه شيء، لم يحاسبوه بما أنفق عليه أبوه، ولم يكن لهم مما أنفق عليه أبوه قبله، قليل ولا كثير. وإن كان ماله عرضا كان لهم أن يحاسبوه بما أنفق عليه أبوه من يوم كان للابن مال.
قلت: أرأيت إن كان مال الابن عرضا فأنفق عليه أبوه، فلما حضره الموت قال: لا تحاسبوه بما أنفقت عليه؟ قال: إذا يجوز قوله ولا يكون لإخوته أن يحاسبوه، إذا قال: لا تحاسبوا ابني.
قلت: فما ترى هذه وصية لوارث لا تجوز؟ قال: ليست هذه وصية، وجل الناس ينفقون على أولادهم، وهذا شيء فعله في الصحة فليس بوصية.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى القول فيها محصلا مستوفى في أول سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته مرة أخرى، وبالله التوفيق.

.مسألة النصرانية تسلم وزوجها نصراني هل عليه نفقة:

وسئل عن النصرانية تسلم، وزوجها نصراني، هل عليه نفقة وهو له عليها الرجعة إن أسلم وهي في العدة؟ قال ابن القاسم: ليس لها عليه نفقة؛ لأن الفسخ جاء من قبلها، ومنعته فرجها، وليس هو بمنزلة من طلق، وله عليها الرجعة؛ لأن أمرها فسخ بغير طلاق، فالفسخ لا يلزمه فيه نفقة، وتلك السنة، إلا أن تكون حاملا، فينفق عليها؛ لأن الولد يتبعه؛ لأنه ولده، وتلزمه نفقته، وكذلك هو في بطنها.
قال محمد بن رشد: في سماع أصبغ بعد هذا: إن عليه النفقة من أجل أن له الرجعة بالإسلام، ورواية عيسى أظهر عند أهل النظر؛ لأنه فسخ والفسوخ لا نفقة فيها، ولأن الفراق والمنع جاء من قبلها بإسلامها والنفقة لا تخلو من أن تكون واجبة بحق الاستمتاع أو بحق العصمة، فإن كانت واجبة بحق الاستمتاع، وجب أن تسقط إذ قد منعت الاستمتاع بإسلامها، وإن كانت واجبة بحق العصمة، وجب أن تسقط أيضا؛ إذ قد انفسخ النكاح وارتفعت العصمة، وكونه أحق بها إن أسلم في عدتها أمر متبع، لا يحمله القياس. ووجه رواية أصبغ، أنها لما كانت مأمورة بالإسلام، لم تكن متعدية في الإسلام، ولا مانعة لفرجها، بل هو المانع منه نفسه، بترك فعل ما يلزمه فعله من الإسلام، والله الموفق.

.مسألة ادعى ميراث امرأة فأنكر ذلك أبوها:

ومن كتاب العتق:
وسألته عن رجل ادعى ميراث امرأة، فأنكر ذلك أبوها، وقال: قد كنت طلقتها، وقال الزوج: إنما طلقتها واحدة أو اثنتين، وكانت هي في عدة، وقال الأب: بل طلقتها ثلاثا وأنا على ذلك شاهد، وأتى الزوج بشاهد، قال: الميراث للزوج، ويحلف على ما ادعى من الطلاق.
قلت لابن القاسم: فإن ماتت المرأة وادعى الأب أن العدة قد انقضت ولا ميراث للزوج، وقال الزوج: إنها هلكت في العدة، قال: القول في ذلك قول الزوج، وأرى عليه اليمين أنها إنما ماتت في عدتها.
قلت: أرأيت إن أبى اليمين في كلا الوجهين في العدة والطلاق؟ قال: يحلف الأب ويكون القول قوله.
قال محمد بن رشد: أما إذا اختلفا في عدد الطلاق، فقال الأب: ثلاثا، وقال الزوج: واحدة أو اثنتين، وأقام كل واحد منهما شاهدا على دعواه، فبين أن القول قول الزوج؛ لأنه لما كافأ دليل كل واحد منهما على دعواه دليل صاحبه، سقطا وبقيا على أصل الدعوى، فوجب أن يحلف الزوج؛ لأنه المدعى عليه في إسقاط ما وجب له من الميراث بالعصمة المتيقنة، وكذلك لو أقام كل واحد منهما شاهدين فتكافآ في العدالة، وإن كان الشاهد للأب دون الزوج، لوجب أن يحلف مع شاهده؛ لأنه يستحق بشهادته مالا، وأما إذا اختلفا في انقضاء العدة، فقال: إن القول قول الزوج، ويحلف أنها إنما ماتت في العدة، وهذا إذا اختلفا في وقت الطلاق فقال الزوج: طلقتها في وقت كذا وكذا، إلى ما لا يحاض في مثله ثلاث حيض، وقال الأب: طلقتها منذ كذا وكذا، لما يحاض في مثله ثلاث حيض، ولا اختلاف في هذا؛ لأن الميراث واجب للزوج بالعصمة المتيقنة، فعلى من ادعى ما يسقطه إقامة البينة، ولو كان الزوج عبدا فأعتق بعد الطلاق وقبل موتها، فادعى الزوج أن ذلك كان قبل انقضاء العدة، وقال الأب: بل كان ذلك بعد انقضاء العدة، لجرى الأمر بذلك على الاختلاف في النصرانية تسلم تحت النصراني، ثم يسلم زوجها بعدها، فيريد رجعتها، فتزعم أنها قد حاضت ثلاث حيض بعد إسلامها كان منذ كذا وكذا، على ما سنذكره في نوازل أصبغ إن شاء الله، وأما إن اتفقا على وقت الطلاق، فإن كان قد مضى له من المدة ما تنقضي فيه العدة في الأغلب، وذلك ثلاثة أشهر، حمل أمرها على أن العدة قد انقضت، ولم يكن لها ميراث، إلا أن يأتي بما يدل على أن العدة لم تنقض من قولها قبل أن تموت؛ إذ هي مصدقة في ذلك، فإن لم يأت بذلك، وادعى على الأب أنه علم بذلك، لزمته اليمين، وإن كان لم يمض من المدة ما تنقضي فيه العدة في الأغلب، حمل أمرها على أن العدة لم تنقض، وكان للزوج الميراث، إلا أن يأتي الأب ببينة على قولها: إن عدتها قد انقضت، فإن لم يأت بذلك، وادعى على الزوج أنه علم بذلك، لزمته اليمين، يبين هذا قوله في كتاب الاستبراء من المدونة: إن الجارية المبيعة إذا لم تواضع للاستبراء فماتت، إنها إن ماتت قبل أن يمضي من المدة ما لا يكون فيه الاستبراء، فالمصيبة من البائع وإن ماتت بعد أن مضى من المدة ما يكون فيه الاستبراء، فالمصيبة من المبتاع، وذلك شهر على قولهم.

.مسألة قالت في مرضها قد كنت تركت لزوجي كذا وكذا ثم هلكت:

وسألته عن امرأة قالت في مرضها: قد كنت تركت لزوجي كذا وكذا مما كان لي عليه من حق، ثم هلكت، فزعم أنها صادقته وإني قد كنت طلقتها في يمين قد كنت حنثت فيها قبل وضعها الصداق عني، أو بعد وضعها، أو قال: طلقتها في غير يمين، وقال الورثة: لم تطلق ولم تحنث، وإنما لك الوصية بالصداق، ليتم لك، إن لم تكن وارثا؛ لأنه لا وصية لوارث، قال: لا يقبل قولها فيما زعمت أنها وضعت عنه الصداق، ولا يكون له ميراث بإقراره بالطلاق، قال ابن القاسم: قال مالك: ولو ثبت له الطلاق وقالت عند الموت: قد كنت وضعت في صحتي لم يقبل قولها، قلت لابن القاسم: وهو غير وارث، قال: نعم، وإن لم يرث كذلك، قال لي مالك: من قال عند الموت: قد كنت تصدقت من مالي بكذا وكذا على فلان، وقد كنت أعتقت في الصحة عبدي فلان، لم يكن للعبد عتق، ولا للآخر صدقة، إلا أن يقول: قد كنت فعلت ذلك في الصحة، فأنفذوه، فيكون في الثلث، قال: ولو صحت ولم تمت من مرضها ذلك لزمها قولها.
قال محمد بن رشد: قوله: إنه لا يقبل قولها فيما زعمت أنها وضعت عنه من الصداق، أمر متفق عليه إن لم يكن لها ولد يرفع التهمة عنها في إقرارها للزوج، وأما إن كان لها ولد يرفع التهمة عنها في إقرارها له، فقيل: إن ذلك جائز له كالأجنبي، وقيل: إن ذلك لا يجوز إذا لم يعرف الطلاق إلا بقوله، وفي قوله: إنه لا يكون له ميراث لإقراره على نفسه بالطلاق نظر؛ إذ الورثة يقولون: إنه لم يطلق، فكل واحد منهم يقر بالمال لصاحبه، ويدفعه عن نفسه له، فالواجب في ذلك أن يكون موقوفا فيمن رجع منهم أولا إلى تصديق صاحبه، وإكذاب نفسه، أخذه على الصحيح المشهور من الأقوال، القائم من المدونة، وهو أصل مختلف فيه، وأما إذا ثبت له الطلاق، فاختلف في ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها: أن ذلك لا يجوز له من رأس المال ولا من الثلث، كان لها ولد أو لم يكن. والثاني: أنه إن كان لها ولد جاز ذلك له من رأس المال، وإن لم يكن لها ولد، لم يجز ذلك له من رأس المال ولا من الثلث. والثالث: أنه إن كان له ولد جاز له ذلك من رأس المال، وإن لم يكن له ولد، وكان يورث كلالة، جاز ذلك له من الثلث. والثلاثة الأقوال، قائمة من المدونة. فإذا قلنا: إن ذلك إنما يجوز لك من الثلث، ففي ذلك اختلاف، قيل: علمت بالطلاق أو لم تعلم، وقيل: بل إن علمت بالطلاق على ما في سماع سحنون من كتاب الوصايا في هذا المعنى من الاختلاف، وبالله التوفيق.